أيها الأحبة ـ 13

نستعرض فيما يلي القسم الثالث عشر من الحوار الذي أجري عام 2000 مع المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله قدس سره، وهو بمثابة مجموعة من الأفكار والوصايا التي تتناول القضايا الحياتية المختلفة، وقد تم نشرها أخيرا في كتيب تحت عنوان (أيها الأحبة)، وبدورنا ننشر مختارات منها في حلقات:
س: بالنسبة لكم وباعتقادكم كم هو حجم الفراغ الذي يمكن أن يشكل غيابكم؟ وهل تعتقدون أن السيد فضل الله سيبقى رمزاً إسلامياً إنسانياً؟
المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله: من الطبيعي أن أي شخص يعيش حركة التجربة في حياته، عندما يمتد به العمر ويدخل ساحة الصراع، فإنه يحمل في شخصه أكثر مما يختزنه شخصه من فكر ومعرفة، لأن امتداد التاريخ في حركة الشخص يمنحه الكثير من الغنى الذي قد لا يكون من صناعته، بل قد يكون من خلال حركة الظروف المحيطة به والواقع الذي يتحرك فيه. لذلك، إنني أتصور أن هذه الحياة التي عاشت في مدى خمسين سنة حتى الآن في ساحة الصراع، يمثل غيابها بعض الخسارة للتجربة الغنية التي قد لا تحدث للكثيرين، لأن طبيعة الظروف التي عشتها قد لا يستطيع أحد أن يعيشها، باعتبار أنها تمثل الكثير من الحركية والكثير من الآفاق ومن الأفكار والمشاعر والأحاسيس والأحداث، مما قد يدخل في عمق التجربة الإنسانية، تماماً كما هو العطر في الورد، الذي لا تستطيع أن تتحدث عنه بما يمكن أن يمثل مشاعرك في انفعالك به.
إننا عندما نفقد أي إنسان فاعل في الحياة، فإننا نفقد الكثير من عناصر شخصيته في معنى التجربة في مشاعره وأحاسيسه، أكثر مما نفقد فكره الذي ربما يجسده في كتاب أو في أثر فني أو أدبي أو ما إلى ذلك.
س: ماذا سيفعل الواقع به بعد رحيل المرجع السيد فضل الله؟
المرجع فضل الله: من الطبيعي أن أي واقع يتجاوز مرحلةً لا بد أن يستفيد من تلك المرحلة، لأن الحياة ليست في تراجع، ولكنها في تقدم. لكن المسألة هي في غياب الأسماء الكبيرة عن الساحة في الوقت الحاضر. قد ينطلق الواقع بأسماء جديدة لم تكن واضحة في الوجدان العام.