ماذا يريد منا رسول الله؟ - عمار كاظم

إن شخصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت من نمط خاص فكراً وعملاً وعلى المستوى الفردي والاجتماعي، فإنه في كل شأن من شؤون حياته لا تبارى عظمته ولا تطاول قمة مجده. ثباته صلى الله عليه وآله وبسالته في خوض معركة التغيير الاجتماعي الكبرى من أجل إخراج الناس من عبودية العباد إلى عبودية الله الواحد الأحد.. ثباته صلى الله عليه وآله في كل المعارك.. ولقد وصف الإمام القائد علي عليه السلام وهو بطل الإسلام المخلد في حروبه كلها شجاعةَ رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله: (كنا إذا أحمر البأس ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله صلى الله عليه وآله فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه). ومن مظاهر سمو سيرته مع أمته وحكمته في التعامل معها أنه كان يحدث الناس وفقا لمستوياتهم العقلية فكانت أساليبه عرضه للأفكار وإجاباته على الأسئلة تختلف في البعد والمستوى من شخص لآخر طبقاً للقابليات الذهنية. كان يتعامل مع جميع الناس بعاطفة أبوية حانية تتفجر حباً فياضاً وحناناً غامراً على الرغم من مركزه القيادي في الأمة. وكان المتواضع الأول في دنيا المسلمين، فعن أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلان أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل منزلاً قعد في أدنى المجلس).
كان التجسيد الحقيقي للقرآن الكريم وكان خلقه القرآن، كان لسانه اللسان الرقيق اللين الدافئ، وكانت كلماته كلمات المحبة والخير والرحمة، وكان قلبه مفتوحاً لكل الناس (فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك).
علينا عندما نحتفل بميلاد الرسول صلى الله عليه وآله أن نقف وقفات ووقفات لننفتح على هذه المناسبات فكرياً وثقافياً ونستلهم المعطيات الكبرى من هذه الذكرى العطرة، فرسول الله صلى الله عليه وآله يريد لأجيالنا أن تكون أجيال الإيمان والمبدأ والعقيدة، وأن تكون أجيال الوعي والبصيرة والثقافة، وأن تكون أجيال التقوى والورع والصلاح والاستقامة، وأن تكون أجيال الروح والأخلاق والطهر والنقاء والفضيلة، وأن تكون الأجيال المتحركة الفاعلة الهادفة العاملة من أجل الإسلام، أن تكون أجيال الجهاد والعطاء والتضحية والشهادة، وأن تكون أجيال الأصالة والانتماء إلى الهوية الإيمانية. فصلى الله عليك يا رسول الله صلاة مباركة زاكية نامية وعلى أهل بيتك الطاهرين.