في رحاب الإمام الصادق - عمار كاظم

كان له موضع خاص ومقام فريد في نفوس كل الذين عاصروه، فعامة المسلمين وجمهورهم كان يرى جعفر بن محمد عليه السلام سليل بيت النبوة وعميد أهل البيت عليهم السلام رمز المعارضة للظلم والطغيان وأن حبه والولاء له فرض على كل مسلم يؤمن بالحب والولاء لأهل البيت عليهم السلام، كما كان أهل العلم والصلاح يرون فيه إماماً وعالماً وأستاذاً فذاً، وكذلك رجال الحكم والسياسة وقادة الجمهور فقد كانوا يرون فيه الشخصية الاجتماعية المرموقة والقوة السياسية الفعالة والقطب القيادي الذي لا يمكن تجاهله. تلقى الإمام الصادق عليه السلام العلوم والمعارف عن آبائه عليهم السلام عن جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وقام بمهماته الشرعية كإمام مسئول عن نشر الشريعة وحفظ أصالتها ونقائها، فقد ساهم مع أبيه الإمام الباقر عليه السلام في نشر العلم والمعرفة وبثها بين الفقهاء والمفسرين والمحدثين ورواد العلوم المختلفة، فعليهما تتلمذ أئمة الفقه، وعنهم أخذ رواة الحديث، وبهم استطال ظل العلم والمعرفة. قال الشيخ المفيد: (كان الصادق عليه السلام بين أخوته خليفة أبيه ووصيه القائم بالإمامة من بعده وبرز على جماعتهم بالفضل وكان أنبههم ذكراً وأعظمهم قدراً وأجلّهم في العامة والخاصة، ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر ذكره في البلدان ولم ينقل عن أحد من أهل بيته العلماء ما نقل عنه ولا لقي أحد منهم من أهل الآثار ونقله الأخبار ولا نقلوا عنهم كما نقلوا عن أبي عبدالله عليه السلام، فإن أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات فكانوا أربعة آلاف رجل). استطاع الإمام عليه السلام أن يجعل مدرسته المفتوحة على كل الناس مدرسة تعطي الثقافة الإسلامية أكثر الأساليب والوسائل شمولاً وسعة حتى قال الإمام مالك بن أنس: (ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق فضلاً وعلماً وعبادة وورعاً).
من وصاياه عليه السلام يحدد فيها صفات المؤمن: (يا شيعة آل محمد، ليس منا من لم يملك نفسه عند غضبه ومن لم يحسن صحبة من صحبه ومخالفة من خالفه ومرافقة من رافقه. يا شيعـة آل محمد اتقوا الله ما استطعتم ولا حول ولا قوة إلا بالله). فسلام على روحه الطاهرة، وطوبى للمهتدين بهداه.