زيارة الرضا عليه السلام


(مَن أحسن الناس معاشاً؟) سؤالٌ وجّهه ثامن أئمة أهل البيت الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام إلى أحد أصحابه، حتى إذا فكّر قليلاً وحار في الجواب قال: أنت يا سيدي أعلم..فأجاب قائلاً: أحسن الناس معاشاً من حسُن معاشُ غيره في معاشِه..من أسوأ الناس معاشاً؟ قال: أنت يا سيدي أعلم.قال عليه السلام: مَن لم يعش غيره في معاشه.
من الناس من يتحرك في الحياة ليعطي من علمه للجاهلين، وليعطي من قوته للضعفاء، وليعطي من خبرته لمن يحتاج اليها، وليحرك ماله في حاجات الناس، وليحرك جاهه في خدمة الناس، وليؤسس وليبدع، ولينطلق ليكون كل زمنٍ لديه وكل جهدٍ لديه من أجل حياة أفضل، ولكي يجعل واقع الحياة أرحم..فلقد جاء هؤلاء والحياة ضيقة، وأصبحت الحياة بعد ان ذهبوا منها واسعة، بحجم ما وسّعوا فيها (من حسّن معاش غيره في معاشه) عاش وعاش الناس معه تماماً كما هو النبع الذي في أعماق الأرض، فهو يتدفق ويعطي الخصب هنا والرخاء هناك، والريّ هنا، وتأخذ منه فيبقى يتدفق.
الكثيرون يقطعون المسافات لزيارة الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام في غربته..وعندما تذهبون اليه سيسألكم في عليائه، هل أنتم ممن حسُن معاش الناس في معاشهم، أو أنتم من أسوأ الناس معاشاً؟! قبل ان تقرأوا الزيارة وقبل ان تقوموا بكل الشعائر، زوروه في عقولكم، زوروا كلماته، زوروا مواعظه، زوروا مفاهيمه، فقيمة الزيارات كلها، للأئمة والأنبياء والأولياء، ليس ان تحدّق في الضريح، أو حتى ان تحدق في الجسد، حدّق في معنى النبوة في النبي، ومعنى الامامة في الامام، ومعنى الولاية في الولي، حتى تستفيد من ذلك ليكون فيك جزء من رسالية الرسول، ومن امامة الامام، ومن ولاية الولي، وعند ذلك يمكن ان تكون مقبول الزيارة، لا ان تزور بكلمات ترددها دون وعي وبفكرٍ بارد بعيداً عن الجو الروحي، فان الزيارة هي من أجل ان نعيش من نزوره في كل مواقع العظمة فيه.