أيها الأحبة ـ 7

س: آخر لحظة من الحياة.. هل تشكل عنصر قوة في شخصيتكم، أم قد تنقلب الموازين، فتكون من أحرج لحظات الخوف من القادم؟
المرجع الراحل السيد فضل الله: من الطبيعي أن الإنسان الذي يتحسس الغموض من مستقبله لابد أن يعيش قلق المستقبل، لكن هذا القلق ليس قلقاً سلبياً يفترس الاطمئنان والإنسانية والإيمانية، لأن الإنسان الذي يعيش الخوف والرجاء، فإن الرجاء عنده يوازي الخوف، فإذا كنت أخاف نتائج عملي فإنني أرجو لعملي رحمة ربي، ولهذا فإن المسألة عندما تتصل بالله، فإن القضية تتوازن في وجدان الإنسان المؤمن، لأن الله، الذي عرفنا قدرته وسيطرته وهيمنته وجبروته، عرّفنا رحمته ولطفه وحنانه وحلمه وكرمه.
لذلك أتصور أنني إذا بقي لي هذا الإيمان حتى اللحظة الحاسمة فإنني لن أسقط أمام الخوف الذي هو الحالة الطبيعية، لأن الخوف الذي أعيشه أمام الله في الدنيا في ما أقبل عليه لم يكن خوفاً يتحرك في زنزانة مغلقة، ولكنه سوف ينفتح على رحابة الرجاء.
س: هذه اللحظة ربما كنتم قد اقتربتم منها في حياتكم.. كم مرة كان ذلك؟ وكيف كان قلبكم وعقلكم عندها؟
المرجع الراحل السيد فضل الله: لقد عشت هذه اللحظات في حياتي في أكثر من محاولة اغتيال، وقد عشتها في الحالة المرضية الأخيرة (قبل هذا الحوار بعام تقريباً أصيب سماحته بنوبة قلبية)، كما عشتها في أيام القصف المجنون الذي كان يهز المنطقة التي أعيش فيها ويقترب من البيت الذي أسكنه (في إشارة إلى صموده في منزله في حارة حريك أثناء العدوان الصهيوني الهمجي عام 2006)، كنت أشعر بالاستسلام للقدر القادم، لأنني في كل حياتي كنت أعيش ذلك.
وإنني أعتقد أن حالة الخطر ليست بأكثر من حالة الراحة، لأن الموت يأتي للإنسان في حالة الأمن كما يأتي إليه في حالة الخطر، لذلك من الطبيعي أن يشعر الإنسان في إحساسه المادي بالخوف على الحياة، وربما يعيش مرارة فقدان هذه الحياة في تلك اللحظات، لكن يبقى للإيمان دوره، لأن الإنسان ينفتح على عالم رحب واسع في رحاب الله.