خطبة الجمعة 26 رمضان 1445- الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: محاسبة سريعة

- في دعاء وداع شهر رمضان في الصحيفة السجادية برقم ٤٥ يقول عليه السلام: (وقد أقام فينا هذا الشهر مقام حمد، وصحبنا صحبة مبرور، وأربحنا أفضل أرباح العالمين).
- كل تاجر في نهاية السنة يقوم بجردة حسابات، يحسب الأرباح والخسائر، وما هي البضائع الرابحة ليزداد منها، وما هي الخاسرة ليتجنبها.
- خواتيم شهر رمضان بحاجة الى مثل هذه الجردة والمحاسبة، ومن خلال قائمة يراجع ويقيّم من خلالها نفسه، كما يهيّئ التاجر قائمته، ويقيّم من خلالها تجارته.
- ولكن ما الذي تحتوي عليه هذه القائمة التقييمية؟
- مضمون الخطبة النبوية في استقبال الشهر خير وسيلة لاستخلاص عناوين تلك القائمة. مثلاً:
- وَاذْكُرُوا بِجُوعِكُمْ وَعَطَشِكُمْ فِيهِ، جُوعَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَعَطَشَهُ.. إلى أي مدى كانت الآخرة حاضرة في وعينا؟
- وَتَصَدَّقُوا عَلَى فُقَرَائِكُمْ وَمَسَاكِينِكُمْ.. هل استقطعت حصة من راتبي لهم؟
- وَوَقِّرُوا كِبَارَكُمْ، وَارْحَمُوا صِغَارَكُمْ، وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ.. إلى أي مدى تغير تعاملنا معهم إلى الأفضل؟
- وَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ، وَغُضُّوا عَمَّا لا يَحِلُّ النَّظَرُ إِلَيْهِ أَبْصَارَكُمْ، وَعَمَّا لا يَحِلُّ الاسْتِمَاعُ إِلَيْهِ أَسْمَاعَكُمْ... إلى أي مدى نجحت في تجنب ذلك؟
- هذه بعض العناوين لتلك القائمة.. ولذا، كما توقفنا عند هذه الخطبة قبيل دخول الشهر، فلنتوقف عندها في خواتيم الشهر، ونراجع العناوين المذكورة فيها عنواناً عنواناً، ونرى مدى
نجاحنا وفشلنا في تحقيقها، أو نسبة التحقيق.
- بعد انتهاء ليالي الأحياء أكثر الناس مشغولون بالإعداد لعيد الفطر.. مشغولون بالأسواق، والمشتروات، والاستعداد للسفر، وغير ذلك.. لا بأس، ولكن فلننتبه أن لا نضيع مجهودنا الإيماني ومكاسبنا الروحية الحاصلة في الأيام والليالي الماضية من خلال ذلك.
- روى الشيخ الصدوق عن الصادق (ع) دعاء كان يقوله في كل ليلة من العشر الأواخر، وفيه: (اللهم وهذه أيام شهر رمضان قد انقضت، ولياليه قد تصرمت، وقد صرتُ يا إلهي منه إلى ما أنت أعلم به مني، وأحصى لعدده من الخلق أجمعين، إلهي وأعوذ بوجهك الكريم، وبجلالك العظيم، أنت تنقضي أيام شهر رمضان ولياليه ولك قبلي تبعة أو ذنب تؤاخذني به أو خطيئة تريد أن تقتصها مني لم تغفرها لي).
- أي أن الأمر لم ينته بعد، ومشروعنا الرمضاني ما زال قائماً.. ولذا يقول بعد ذلك: (إن كنت رضيت عني في هذا الشهر فازدد عني رضا، وإن لم تكن رضيت عني فمن الآن فارض عني، يا أرحم الراحمين).
وليكن وداعُنا في نهاية هذا الشهر بأن نقول: السلام عليك يا شهر الله الأكبر، ويا عيد أوليائه، السلام عليك يا أكرم مصحوب من الأوقات، ويا خير شهر في الأيام والساعات.