خطبة الجمعة 12 رمضان 1445- الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: صدقة السر


- قال تعالى: (إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [البقرة:271].
- مدح الله كلًّا من صدقة العلانية وصدقة السر، فلكل منهما آثار صالحة.
- أما إظهار الصدقة (صدقة العلانية): فإن فيه تشويقاً للناس إلى البذل والإنفاق، وتطييباً لنفوس الفقراء والمساكين... شخص يؤسس مبرّة لعمل الخير، حينئذ سيشاهد الفقراء -كما يقول العلامة الطباطبائي في الميزان: (أن في المجتمع رجالاً رحماء بحالهم، وأموالاً موضوعة لرفع حوائجهم، مدّخرة ليوم بؤسهم، فيؤدّي إلى زوال اليأسِ والقُنوط عن نفوسهم، وحصولِ النشاط لهم في أعمالهم، واعتقادِ وَحدةِ العمل والكسب بينهم وبين الأغنياء المثرِين، وفي ذلك كل الخير).
- وأما الآثار الصالحة لإخفاء الصدقة (صدقة السر):
1. احتمال الإخلاص فيها أكبر بكثير من صدقة العلانية.
2. وكذلك احتمال البُعد عن المنّ والأذى أكبر، والمن والأذى يُمحقان العمل. وقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى) [البقرة:264].
3. حفظ كرامة المحتاجين وتجنيبهم الشعور بالمذلة، والإحساس بالإهانة.
4. تتضمن رسالة مفادها الاهتمام البالغ من قبل المتصدق عليهم إذ قصدَهم، ولم ينتظر وفودهم عليه، وفي هذا مزيد من الشعور بالطمأنينة في المجتمع، والاستقرار النفسي.
5. يشعر فيه المتصدق عن قرب بمعاناة المحتاجين، ويكتشف ما ينقصهم، فيزيد هذا من عطائه، ومن استمراره في ذلك العطاء، ومن إدارك طبيعة ما يحتاجون إليه.
6. يشعر المتصدق بالراحة النفسية بشكل أكبر بكثير حينما يرى تهلّل وجه المحتاجين، ويستمع إلى دعواتهم المخلصة.
7. يعزِّز التواضع في نفس المتصدق من خلال التعامل المباشر مع المحتاجين في أوضاعهم الصعبة، وفي بساطة عيشهم.
8. وكما ستر المتصدق على حاجة المحتاج، وقضى حاجته، فإن الله تعالى يستر شيئاً من سيئاته، ويمحوها من سجل أعماله: (وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ).
- من كل ما سبق ندرك السرّ في خيرية صدقة السر مقارنةً بصدقة العلانية، إذ قال تعالى: (وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ)، ولاسيما بلحاظ قرب العمل من الإخلاص بما يجعله أقرب من الفضيلة.