خطبة الجمعة 5 رمضان 1445- الشيخ علي حسن : الخطبة الأولى: شهر الطاعات

- سأتوقف في هذه الخطبة عند مقطع من دعاء الإمام زين العابدين (ع) في استقبال شهر رمضان كما جاء في الصحيفة السجادية، وهذا المقطع يشتمل على مجموعة من التوجيهات التي تمثّل برنامجاً عملياً لنا في الشهر المبارك. ولن أستغرق كثيراً في الشرح، فالعبارات واضحة، والمفاهيم بيّنة:
1. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وأَلْهِمْنَا مَعْرِفَةَ فَضْلِهِ وإِجْلَالَ حُرْمَتِهِ. (لنلتزم بالبرنامج)
2. والتَّحَفُّظَ (أي وألهمنا التحفّظ) مِمَّا حَظَرْتَ فِيهِ (فهناك ممنوعات تخص الصيام).
3. وأَعِنَّا عَلَى صِيَامِهِ بِكَفِّ الْجَوَارِحِ عَنْ مَعَاصِيكَ، واسْتِعْمَالِهَا فِيهِ بِمَا يُرْضِيكَ. (فالمسألة لا تقف عند حد الامتناع عن الطعام والشراب وسائر المفطرات المعروفة فقهياً، بل تتجاوز ذلك إلى كل المعاصي، والإتيان بما يُرضي الله تعالى... ثم يقدّم الإمام أمثلة):
حَتَّى لَا نُصْغِيَ بِأَسْمَاعِنَا إِلَى لَغْوٍ، ولَا نُسْرِعَ بِأَبْصَارِنَا إِلَى لَهْوٍ، وحَتَّى لَا نَبْسُطَ أَيْدِيَنَا إِلَى مَحْظُورٍ، ولَا نَخْطُوَ بِأَقْدَامِنَا إِلَى مَحْجُورٍ، وحَتَّى لَا تَعِيَ بُطُونُنَا إِلَّا مَا أَحْلَلْتَ، ولَا تَنْطِقَ أَلْسِنَتُنَا إِلَّا بِمَا مَثَّلْتَ (مما هو خير لا لغو فيه ولا تأثيم) ولَا نَتَكَلَّفَ إِلَّا مَا يُدْنِي مِنْ ثَوَابِكَ، ولَا نَتَعَاطَى إِلَّا الَّذِي يَقِي مِنْ عِقَابِكَ.
4. ثُمَّ خَلِّصْ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ رِئَاءِ الْمُرَاءِينَ، وسُمْعَةِ الْمُسْمِعِينَ، لَا نُشْرِكُ فِيهِ أَحَداً دُونَكَ، ولَا نَبْتَغِي فِيهِ مُرَاداً سِوَاكَ. (فالإخلاص في النية شرطٌ في قبول الأعمال، وإلا قيل للإنسان اذهب وخذ أجرك ممن عملت لأجله).
5. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وقِفْنَا فِيهِ عَلَى مَوَاقِيتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بِحُدُودِهَا الَّتِي حَدَّدْتَ، وفُرُوضِهَا الَّتِي فَرَضْتَ، ووَظَائِفِهَا الَّتِي وَظَّفْتَ، وأَوْقَاتِهَا الَّتِي وَقَّتَّ، وأَنْزِلْنَا فِيهَا مَنْزِلَةَ الْمُصِيبِينَ لِمَنَازِلِهَا، الْحَافِظِينَ لِأَرْكَانِهَا، الْمُؤَدِّينَ لَهَا فِي أَوْقَاتِهَا. (فقد بيّن الله تعالى مجموعة من الحدود والفروض الخاصة بالصلاة، كتحديد أوقات الصلاة اليومية، وذِكر القيام والركوع والسجود، وبَيّن ضرورة الطهارة بالوضوء أو الغُسل أو التيمم، واستقبال القبلة، وغير ذلك).
6. عَلَى مَا سَنَّهُ عَبْدُكَ ورَسُولُكَ، صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وآلِهِ، فِي رُكُوعِهَا وسُجُودِهَا وجَمِيعِ فَوَاضِلِهَا عَلَى أَتَمِّ الطَّهُورِ وأَسْبَغِهِ، وأَبْيَنِ الْخُشُوعِ وأَبْلَغِهِ. (فقد سنّ النبي [ص] مجموعة من التشريعات الخاصة بالصلاة، كالقراءة حال القيام، والذِّكر حال الركوع والسجود، والتشهد، وغير ذلك من الواجبات والمستحبات الخاصة بالطهارة وأفعال الصلاة وأقوالها).
- ثم ينتقل الإمام (ع) بعد ذلك إلى مجموعة من التوصيات ذات الطابع الاجتماعي:
7. ووَفِّقْنَا فِيهِ لِأَنْ نَصِلَ أَرْحَامَنَا بِالْبِرِّ والصِّلَةِ، وأَنْ نَتَعَاهَدَ جِيرَانَنَا بِالْإِفْضَالِ والْعَطِيَّةِ، وأَنْ نُخَلِّصَ أَمْوَالَنَا مِنَ التَّبِعَاتِ، وأَنْ نُطَهِّرَهَا بِإِخْرَاجِ الزَّكَوَاتِ، وأَنْ نُرَاجِعَ مَنْ هَاجَرَنَا، وأَنْ نُنْصِفَ مَنْ ظَلَمَنَا، وأَنْ نُسَالِمَ مَنْ عَادَانَا، حَاشَى مَنْ عُودِيَ فِيكَ ولَكَ، فَإِنَّهُ الْعَدُوُّ الَّذِي لَا نُوَالِيهِ، والْحِزْبُ الَّذِي لَا نُصَافِيهِ. (فمن يعادوننا ويحاربوننا عداوة لله ولدينه، فلا نواليهم ولا نُحسِّن علاقتَنا بهم ما داموا كذلك)
8. وأَنْ نَتَقَرَّبَ إِلَيْكَ فِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ بِمَا تُطَهِّرُنَا بِهِ مِنَ الذُّنُوبِ (فمن الأعمال الصالحة ما يمحو الذنوب كصدقة السر) وتَعْصِمُنَا فِيهِ مِمَّا نَسْتَأْنِفُ مِنَ الْعُيُوبِ (أي جنّبنا يارب بعد التوبة وغفران الذنوب من أن نعود لارتكابها) حَتَّى لَا يُورِدَ عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ مَلَائِكَتِكَ إِلَّا دُونَ مَا نُورِدُ مِنْ أَبْوَابِ الطَّاعَةِ لَكَ، وأَنْوَاعِ الْقُرْبَةِ إِلَيْكَ. (فيكون سجِلُّ أعمالنا خالياً ممّا يجلب غضبك علينا، ومليئاً فقط مما يجلب رضاك وثوابَك).