مؤتمر عاشوراء ـ مقال للشيخ علي حسن غلوم

أقامت مؤسسة الفكر الإسلامي المعاصر الأسبوع المنصرم ـ في العاصمة اللبنانية ـ مؤتمر عاشوراء: النص والوظيفة وإمكانيات التعبير، حضره عددٌ كبير من العلماء والمهتمين والمثقفين ورجال الفكر من الطوائف الدينية المختلفة ومن دول عديدة من بينها الكويت.



دراسات وبحوث قيمة:

قدّم المشاركون خلال المؤتمر كلمات قيمة لخّصت مشاركاتهم البحثية المقدمة والتي ستنشر لاحقاً في كتاب مستقل يصدر عن المؤسسة، وتنوّعت بين الدراسات التاريخية والثقافية والاجتماعية والأدبية والإعلامية.

وكان من جملة من شارك في المؤتمر أستاذ الحوزة العلمية ببيروت السيد محمد الترحيني، والسيد محمد الحسيني مدير حوزة المرتضى بسورية، والدكتور إبراهيم بيضون عضو اتحاد الكتّاب العرب، والأديب الأستاذ شوقي بزيع، ومدير مسرح بابل المخرج الدكتور جواد الأسدي، والمخرج السينمائي اللبناني سايد كعدو، والمفكر الإيراني الشيخ نجف علي ميرزائي، والشيخ حسن الصفار والأستاذ محمد محفوظ وكلاهما من المملكة العربية السعودية.



كلمة السيد فضل الله:

افتُتح المؤتمر بكلمة راعيه سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله قال فيها: هل نحن أمة التاريخ نستظهره ونردّده ونعيش في كهوفه ومغاراته، وننسى الحاضر ونقتل المستقبل؟ هل نحن بقايا التاريخ لنعيش معاركه كما لو كانت معاركنا، ولننطلق في أحقاده ونتحرك في دروبه الضيقة؟ لماذا التاريخ؟ ونحن نعيش في الحاضر الصدمة، والمستقبل المنطلق؟

وأضاف: هناك بعضُ القضايا تموت مع الزمن أو قبله، تولد في الصباح لنفتقدها في المساء، ولهذا يريد الله أن نتثقَّف في التاريخ الباقي للحياة، من خلال دراسة عناصر الشخصيات الروحية والحركية أو الشخصيات الجبروتية في كلّ سلبياتها الذاتية ?لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ? (يوسف: من الآية111)، والعبرة هي الدرس والانفتاحات الثقافية التي تلاحق كل الظروف التي عاشت فيها القضية في التاريخ، والّتي تنفذ إلى أعماقها لتنطلق الفكرة منها، ولتحرك هذه الفكرة عندما تملك الفن الثقافي إلى حالةٍ من الإبداع، تدخل في العقل فيبدع، وفي القلب فينبض بالحيوية، وفي الحركة فتنفتح على كونٍ من القيم، وبذلك لا يعود التاريخ تاريخاً، بل يغدو الحياة المتجددة...



عاشوراء القيم:

وقال: لابد أن ننطلق في عاشوراء من القيم الروحية والحركية المنفتحة على الحق لنؤكّد فعلها التغييري، لا أن تبقى مجرد حركة تعيش المأساة في أطرافها وداخلها، بل لتكون حركةً لها عينان منفتحتان على الأمة والعالم كله... المشكلة هي أننا طيّفنا عاشوراء وحبسناها في قمقم عاداتنا وتخلفنا الذي ليس فيه أية قضية، وانطلقنا مع الحسين الشخص ولم ننطلق مع الحسين القضية، وعلّبنا الشخصية الكربلائية حتى باتت شخصيةً باردةً... وحدهم المنطلقون في خط الحرية والمقاومة والممانعة والتحدي عندما يبكون يذرفون الدموع الحارة... لا يجوز أن نطيّف عاشوراء، فهي إسلامية، وشعاراتها إنسانية، وحركتها تطل على المستقبل كله، وهي ليست قضيةً مغلقةً حتى يتعقد بقية المسلمين منها، وخصوصاً أن الحسين عليه السلام شخصية رسالية روحية يحبها المسلمون جميعاً، وتنفتح على كل معاني القيمة والإنسان والرسالة.



الحسين محرر الأمة:

ورأى سماحته أن الحسين أراد تحرير الأمة من أولئك الذين اتخذوا الناس عبيداً لهم وسيطروا على خيراتها، مشيراً إلى أن الأمة في هذه الأيام تعاني من أولئك الذين صادروا مالها لحسابهم وحساب عوائلهم، فلم يعد للأمة مال، بل أصبح ملكاً لهذا الزعيم وذاك الديكتاتور، في بلاد تضجّ بالمتسوّلين والمحتاجين وبالأغلبية الساحقة التي هي تحت خط الفقر... إن عاشوراء تتطلّع إلى كل ما يجري في العالم الإسلامي من تحديات ومشاكل، لتناشد هذا العالم أن يخرج من دائرة الضعف والسكون إلى دائرة الفعل والقوة، ولتؤكد له أن عليه أن لا يبقى على الهامش من قرارات العالم... وختم داعياً إلى الانفتاح على الحسين عليه السلام كرمز للوحدة الإسلامية وكعنوان للحق والخير، وإلى إخراج عاشوراء من ميادين التخلف والجهل والخرافة التي يتحرك فيها الكثيرون، إلى فضاء الأمة، مؤكداً ضرورة أن ننفتح على عاشوراء في الرواية والمسرح والفن الهادف إلى معرفة القيم الممتزجة بالتضحية والعطاء والحرية والأحرار.

تاريخ النشر 07/02/2009
جريدة الوطن الكويتية ـ صفحة منتقى الجمان