في ذكرى المسيح عليه السلام - عمار كاظم

نلتقي مع نبي الله عيسى عليه السلام بذكرى ميلاده المبارك في رسالة المحبة الإلهية الخالصة المنفتحة والذي جعله الله وأمه آيتين من آياته الكبرى ومعجزتين من معاجزه العظمى، وبذلك انفتح مولده على الحرية والعدل والسلام والقيم الإلهية والرسالية السامية: (قال إني عبدالله ءاتني الكتاب وجعلني نبياً وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً) مريم:31.
عيسى عليه السلام يمثل الولادة المعجزة من أمه الطاهرة الزكية العابدة مريم بنت عمران التي بشرتها الملائكة بولادته المباركة: (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين) آل عمران:45. وقد تربى عيسى عليه السلام من لدن رب رحيم كريم رباه وعلمه وأراد له أن ينفتح بالخير والعدل والمحبة والرحمة على العالم كله ليعلمهم الكتاب والحكمة، وقد جاء عيسى عليه السلام مصدقاً بالتوراة ومكملاً للرسالة ومبشراً بالإسلام المحمدي: (ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) الصف:6.
في ذكرى المسيح علينا أن ننطلق لننفتح على روحيته وأخلاقيته في توحيده لله تعالى وعلى كل معاني المحبة والرحمة والعدالة وأن نكون مصداقا بما أوصى به الله تعالى نبيه: (وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً) فالصلاة معراج المؤمن وهي عمود الدين وتمثل العلاقة بين الإنسان وربه.
في ذكرى عيسى المسيح عليه السلام علينا أن نلتزم بالخط التوحيدي العقيدي الإسلامي، المتمثل في الإيمان بالله تعالى وبكتبه ورسله وفي اليوم الاخر، وأن نعيش السيد المسيح في روحيته وأخلاقه، وعلينا أن ننطلق من القرآن الكريم الذي يدعونا إلى الدعوة إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن نعمل على الحوار مع جميع من نختلف معه في القضايا المذهبية أو الفكرية أو الاجتماعية، الحوار على أساس المحبة والمودة والرحمة.. الحوار الذي يدعو إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية والحوار الذي يصون الوحدة الإسلامية والحوار الذي يعمل على التعاون والألفة والمودة والمحبة لكل الناس.. هكذا أرادنا عيسى عليه السلام وأرادنا نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فلنلتقِ ولنتفاهم ولنتحاور لأن الرسالات تمثل محطات تلتقي في نطاق سلسلة متكاملة أراد الله تعالى من خلالها أن يبعث برسل المحبة والرحمة إلى الناس ليخرجهم من الظلمات إلى النور.